الأربعاء، 24 يوليو 2013

طـــرق تنصيب الإمام

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
 
فإن الواجب هو تحكيم شرع الله، والحرص على اجتماع المسلمين تحت حكامهم المسلمين.
 
قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) } [المائدة:48، 49، 50]
 
وتنصيب الإمام في الإسلام له أربع طرق دل عليها الكتاب والسنة، وقررها أئمة أهل الإسلام.
 
قال معالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله: «طرق تنصيب الإمام في الإسلام :
 
الطريق الأول : بيعة أهل الحَلِّ والعقد له ؛ كما حصل لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.
 
الطريق الثاني : أن يعهد الإمام إلى من بعده بالإمامة ؛ كما عهد أبو بكر الصديق إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - ، فلزمت إمامتُه ، وانقادَ الناس له ، فكان ذلك خيرًا للإسلام والمسلمين .
 
الطريق الثالث: أن يعهد الإمامُ إلى جماعةٍ من أهل الشورى ، يختارون مِن بينهم إمامًا للمسلمين ؛ كما عهد عمر الفاروق - رضي الله عنه - إلى الستة الباقين من العشرة المفضَّلين ، وهم : عثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير بن العوام ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهم - ، فاختاروا من بينهم أفضلهم ، عثمانَ بن عفان - رضي الله عنه - ، وبايعوه ، فلزمت بَيْعتُه لجميع المسلمين ، وتمَّت له الخلافةُ - رضي الله عنه - عن جَدَارةٍ ، وعن اختيارٍ موفَّقٍ ؛ لأنه أفضلُ الباقِين من العشرة ، فكان في ذلك الخيرُ للمسلمين .
 
الطريق الرابع : أن يتغلَّب مسلمٌ بسيفه حتى يخضع له الناس وينقادوا له ؛ فتلزم إمامته جمعًا للكلمة ، وخروجًا من الخلاف ، ويكون إمامًا للمسلمين ، كما حصل لعبد الملك بن مروان - رحمه الله - .
 
هذه هي الطرق التي يتم بها تنصيبُ الإمام في الإسلام ، وكلُّها ترجع إلى أهل الحَلِّ والعقد والمشورة من المسلمين ، ويلزم الباقين من الأمة أن يَسمعوا ويُطيعوا لمن يتم له أمرُ الإمامةِ»[ من محاضرة للشيخ حفظه الله بعنوان«الإعلام بتنصيب الإمام في الإسلام»]
 
وقد أجمع العلماء على صحة ولاية عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع أنه لم يأت عن طريق الاقتراع، ولا عن طريق الانتخابات، ولكن عهد إليه إمام ثبتت له الإمامة وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
 
وقد نـــص العلماء على أن البيعة لاتلزم إلا من أهل الحـــل والعقد  وليــس مــن الضروري بيعة الناس جميعهم ومن ذلك ماقاله : الإمام الجويني:« أن النســــوة لا مدخل لهن في تخيرِ الإمام وعقد الإمامة ..
 
وقال: وكذلك لا يناط هذا الأمر بالعبيد ..
 
وقال: ولا تعلق له بالعوام الذين لا يعدون من العلماء وذوي الأحلام، ولا مدخل لأهل الذمة في نصب الأئمة،فخروج هؤلاء عن منصب الحل والعقد ليس به خفاء فهذا مبلغ العلم من هذا الفصل »  
 
 [كشاف القناع عن متن الإقناع، (6/159)]
 
قال الإمام البهوتي رحمه الله: «ويثبت نصب الإمام بإجماع المسلمين عليه، كإمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيعة أهل الحل والعقد، من العلماء ووجوه الناس، الذين بصفة الشهود، من العدالة وغيرها، ولا نظر لمن عدا هؤلاء لأنهم كالهوام» [كشاف القناع(6/159)]
 
وفي مثل هذا يقول الإمام الشوكاني رحمه الله: « وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يبايعه كلّ من يصلح للمبايعة، ولا من شرط الطّاعة على الرّجل أن يكون من جملة المبايعين، فإنّ هذا الاشـــتراط في الأمرين مردودٌ بإجــماع المسلمين: أوّلهم وآخرهم، سابقهم ولاحــــقهم »
 
[السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار  (941)]
 
ويقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: « ومن المعلوم أن البيعة تثبت للإمام إذا بايعه أهل الحل والعقد، ولايمكن أن نقول: إن البيعة حق لكل فردٍ من أفراد الأمة»
 
[الباب المفتوح، 3/176  لقاء 54 سؤال: 1262]
 
والواجب على المسلمين الحرص على الاجتماع والائتلاف، وأن ينبذوا الفرقة والاختلاف، وأن يحذروا ممن يريد أن يحملهم على مواجهة حكامهم، بحجة الدفاع عن شريعة رئيس قد عزل وانتهى حكمه، لا سيما من طائفة الإخوان التي عرفت بتاريخها الثوري الدموي.
 
نسأل الله أن يصلح حال المسلمين، وأن يكفيهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
 
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
 
 
 
 اللجنة الشرعية بمجموعة نايف بن خالد الإعلامية.